دور الهوية الرقمية في تحسين تجربة العملاء

تسويقالفئة
1 دقائق قراءة
Omar Arabyat

على الرغم من أن في السنوات الأخيرة القليلة بدأت الشركات تسعى لتحويل أعمالها نحو عالم الأونلاين رغبةً منها في التوسع ودخول أسواق جديدة والوصول للفئة المستهدفة فيها، إلا أن العام الماضي، وبسبب جائحة فيروس كوفيد-19، لعب دوراً مهماً في فرض هذا التحول والتسريع منه. وأصبح مطلوباً من الشركات العمل أكثر لتقديم خدماتهم للمستخدمين بكفاءة وسرعة وتحسين تجربة مستخدميهم. ومن هنا، ظهر بناء الهوية الرقمية التي تدعم عمل الشركات وتحسن تجربة عملائهم وتأتي لهم بالمزيد من الأرباح. فماذا نقصد بالهوية الرقمية؟ وكيف يتم بناءها؟ وما هو دوريها في تحسين تجربة العملاء؟

ما هي الهوية الرقمية؟

اختلفت التعريفات لمصطلح "الهوية الرقمية" إلا أنه وبمعنى عام يمكننا القول بأن الهوية الرقمية هي مجموعة من الميزات والخصائص المرتبطة والخاصة بفرد محدد يمكننا التعرف عليه من خلالها، ويتم تخزينها ومصادقتها في المجال الرقمي وتُستَخدَم للمعاملات عبر الإنترنت.

يمكن القول أن الهوية الرقمية هي مزيج بين ما يتم ملاحظته وما يتم الكشف عنه، والحقائق الموضوعية والقيم الذاتية للفرد.

كيف يتم بناء الهوية الرقمية؟

يمكن تلخيص مفهوم الهوية الرقمية في فئتين أساسيتين والتي يمكن استخدامها سواء بمفردها أو مجتمعة لتحديد هوية العميل الرقمية. وهي: يمكن تجميع المعلومات التي تشكل هويتك الرقمية في فئتين رئيسيتين: سماتك الرقمية وأنشطتك الرقمية.

1. معلومات رقمية

وهي المعلومات الأساسية التي تُعَرِف الأشخاص. يمكن العثور على هذه المعلومات في المستندات الصادرة عن الحكومة مثل رخص القيادة أو جوازات السفر أو شهادات الميلاد أو عن مؤسسات رسمية مثل البنوك أو المستشفيات. ومنها:

  1. المعلومات الشخصية (الاسم الأول، اسم العائلة، تاريخ الميلاد، مكان الميلاد، عنوان السكن)
  2. بطاقة هوية صادرة عن جهة حكومية (جواز السفر، رخصة القيادة، شهادة الميلاد، إلخ.)
  3. القياسات الحيوية (بصمة الإصبع، مسح العين، خريطة الوجه ثلاثية الأبعاد)
  4. البيانات المصرفية
  5. عنوان البريد الالكتروني
  6. الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي
  7. بيانات اعتماد تسجيل الدخول (اسم المستخدم وكلمات المرور)

2. نشاطات رقمية

وهي المعلومات المتعلقة بالسلوك الرقمي للفرد. يتم جمعها عادةً من قبل الأطراف التي يتفاعل معها الفرد أو من قبل أطراف ثالثة منحها الفرد الإذن. وهي تكشف عن العادات والاهتمامات والتفضيلات والأولويات الخاصة بالفرد. ومنها:

  1. الإعجابات والتعليقات والمشاركة على المواقع الاجتماعية
  2. زيارات المواقع
  3. التطبيقات التي تم تنزيلها واستخدامها
  4. عمليات الشراء عبر الإنترنت
  5. استعلامات البحث
  6. النشرات الإخبارية التي تم فتحها عبر البريد الإلكتروني
  7. الموقع الجغرافي

دور الهوية الرقمية في تحسين تجربة العملاء

دور الهوية الرقمية في تحسين تجربة العملاء والدفع الإلكتروني

من أهم العوامل التي تمكن الشركات من النجاح وتقديم الخدمة للعملاء بكفاءة وسرعة هي تحسين تجربة العملاء. حيث وجدت دراسة أجرتها شركة Walker أنه في نهاية عام 2020، تفوقت تجربة العملاء على السعر والمنتج باعتبارها العامل الأساسي الذي يميز العلامة التجارية. في الواقع، ووفقاً لاستبيان تجربة العملاء من Gartner عام 2018، فإن أكثر من ثلثي الشركات تتنافس الآن بشكل أساسي على أساس تجربة العملاء.

وفقاً لـ Statista، يوجد ما يقارب من 4.66 مليار مستخدم على شبكة الإنترنت حول العالم. هذا العدد الهائل من المستخدمين جعل تحسين تجربة العملاء والتأكد من صحة وصدق المستخدمين أولوية لدى الشركات يجب العمل على تطويرها وتحسينها بسرعة.

إن عملية تحسين تجربة العملاء تتضمن المراجعة الدورية والتحديث المستمر لمعلومات العملاء، اضافة وسائل تسهل وتوثق عمليات الشراء مثل توفير طريقة سهلة للتأكد وتوثيق تسجيل الدخول أو اشتراك المستخدمين الجدد أو توفير طرق دفع مختلفة تتناسب مع إمكانية وطبيعة العملاء. لقد بدأت بالفعل معظم التطبيقات أو المنصات الاونلاين في توثيق التسجيل من خلال إرسال رسالة تأكيد على البريد الإلكتروني الشخصي للمستخدم. ولكن، هل تكفي هذه الخطوة لتأكيد هوية المستخدم؟ ماذا لو كان البريد الإلكتروني المستخدم لا يعود للشخص الصحيح أو أن البريد الالكتروني مخترق! كل هذا يمكن اختصاره وحله من خلال بناء الهوية الرقمية للعملاء.

تم الكشف عن أكثر من 15 مليار عملية اختراق للبريد الإلكتروني في عام 2019 وحده.

تقول LastPass في تقرير أعدته عام 2018 أن 59٪ من الأشخاص يستخدمون نفس كلمات المرور لحسابات العمل والحسابات الشخصية على الرغم من مخاطر الاختراق والسرقة. ونتيجةً لهذا، بدأت معظم الشركات في تطوير تجربة المستخدم وبناء الهوية الرقمية اللازمة لحماية بيانات المستخدمين وتوثيق بياناتهم بطرق آمنة.

من ضمن التحسينات المُتَخَذَة، تم عمل المصادقة متعددة العوامل بالاعتماد على الهاتف المحمول كمصدر موثوق لعمليات تسجيل الدخول و توثيق الحسابات للمستخدمين، فشركة Google تقول:

لقد وجدنا أن رمز SMS المرسل إلى رقم الهاتف الشخصي ساعد في حظر 100٪ من الروبوتات الآلية، و 96٪ من هجمات الاختراق الجماعي، و 76٪ من الهجمات المستهدفة.

تم تصنيف المصادقة متعددة العوامل لثلاثة أنواع:

  • المصادقة بعامل واحد (One Factor Authentication): يتم توثيق الدخول من خلال إرسال رمز دخول مكون من عدة أحرف ورموز وأرقام.
  • المصادقة بعاملين (Two Factors Authentication): يتم من خلال رمز الدخول المربوط برقم الهاتف ومن خلال رمز دخول لمرة واحدة ولمدة محددة يصل برسالة نصية على الهاتف المحمول.
  • المصادقة بثلاثة عوامل (Three Factors Authentication): يتم من خلال الوصول - بالإضافة الى العامليين السابقين - الى استخدام أحد الأعضاء الحيوية للجسم كبصمة العين أو بصمة أصابع اليد.

يُقدر سوق المصادقة من خلال التعرف على الوجه بـ 3.2 مليار دولار أمريكي في عام 2019. ومن المتوقع أن ينمو السوق حيث يبلغ سبعة مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2024. وفقاً لـ Statista

من ناحية أخرى، نرى استغلال شركات الاتصالات لهذه الميزة. فهي تشجع الشركات على اعتماد الهاتف المحمول كوسيلة لضمان وتأكيد هوية المستخدم، وتم تطوير الخدمات الخاصة بالتعريف والهوية لتشمل عدة حالات وتم توفيرها للشركات للاستفادة منها كخدمات اضافية لتعزيز تجربة المستخدم واعتبار الهاتف النقال كوسيلة توثق الهوية الرقمية للشخص.

من نماذج الخدمات المضافة والمرتبطة باستخدام بيانات العملاء في شركات الاتصالات لتوثيق عمليات الاستخدام والتسجيل:

  • هوية الهاتف (Mobile Identity): وتُمنَح هذه الخدمة لربط حساب الاشخاص برقم الهاتف بدل البريد الالكتروني في عملية انشاء وتوثيق الحسابات المختلفة.
  • تعبئة النماذج (Form Filling): من خلال مشاركة المعلومات الشخصية المسجلة لدى شركات الاتصالات للتأكد من المعلومات التي يتم ادخالها في نماذج شركات التأمين والقروض. يتم مثلاً التحقق من ادخال الرقم الوطني، مكان السكن، والاسم المعرف لدى شركات الاتصالات والمربوط بالهاتف النقال.
  • التوثيق (Verification): تتميز هذه الخاصية بمطابقة المعلومات المدخلة دون الحاجة لمشاركة البيانات المختلفة وكشف البيانات الخاصة بالمشتركين.

من أهم القطاعات التي عملت على الاستفادة من الخدمات الخاصة بالهوية الرقمية هي شركات مكاتب الائتمان (Credit Bureau)، حيث تقوم بجمع البيانات المختلفة من عدة قطاعات موثوقة مثل المؤسسات المالية والبنوك وذلك لمعرفة مستوى رصيد العملاء المحتملين ودراسة مدى أهليتهم للحصول على القروض أو حتى تحديد سقف القروض المستحقة لهم والضمانات المطلوبة لذلك والتأكد من مدى إمكانية التزام العميل في السداد.

تم اشراك عدة شركات خدماتية أخرى في هذه المنظومة كشركات الاتصالات وشركات خدمات الكهرباء والمياه. ومما سوف نراه قريباً هو تعميم هذه التجربة لتشمل مختلف القطاعات كمتاجر التجزئة، حيث سيتمكن العملاء من الحصول على منتج معين بأقساط مريحة دون الحاجة لأي ضمانات سوى رقم الهاتف الشخصي المستخدم أو الرقم الوطني المسجل في الهوية الشخصية والمربوط في الحساب البنكي الشخصي. وفي المقابل قد يٌمنًع شخص آخر من استئجار سيارة لأن الرصيد الائتماني لديه منخفض.

الخاتمة

على الرغم من أن بناء الهوية الرقمية سيحسن من تجربة العملاء ويجعلها أسهل وأسرع، إلا أن تبني وتطبيق هذه الآليات الجديدة من قبل الشركات قليل وذلك لعدة أسباب من أهمها: القوانين الخاصة بالحفاظ على سرية المعلومات، أو صعوبة وتكلفة تطوير البرمجيات الخاصة لدعم مشاركة الهوية الرقمية ما بين الشركات المقدمة للخدمات والشركات المقدمة للمعلومات أو البيانات الخاصة بالمشتركين، أو وجود إطار عام ومقيد لإدارة البيانات وحفظها لدى أحد الأطراف.

لكن الأكيد أن هناك زيادة في الاعتماد على الهاتف النقال كوسيلة للدفع ووسيلة لتوثيق الحسابات وحتى للحصول على خدمات معينة قد لا تكون متاحة الا لمستخدمي الهواتف النقالة. وبالتالي، ننصح الشركات بالبدء ببناء هوية رقمية خاصة لكل عميل وربط هويته بهاتفه النقال واستخدام خاصية المصادقة متعددة العوامل كخطوة أولى نحو التطور والتميز.